يعاني بعض الناس روائح كريهة تنبعث من مناطق مختلفة في أجسادهم، وتسبب لهم مشكلات اجتماعية وحرجاً مع ذويهم ومعارفهم والمحيطين بهم .
ويتحرج أغلبية الناس من التصريح بأمر هذه الروائح لأقرب وأعز أقربائهم وأصدقائهم، ناهيك عن التصريح بها لطبيب أو مختص .
وتالياً نستعرض آراء خبراء مرموقين، حول أسباب هذه الروائح وكيفية التغلب عليها، ومتى يتوجب على من يعانيها أن يقلق من مهددات تبعاتها .
رائحة الجسم
السبب:
يقول الخبراء: إن هنالك نوعين من غدد التعرق: “ناتحة ومفترزة” .
وتوجد الغدد الناتحة في كل أنحاء الجسم، لكنها تتركز أكثر في الإبطين، والذراعين والساقين .
ويقول الدكتور مارك وايتلي استشاري جراحة الأوعية الدموية: “هذه الغدد تنظم حرارة الجسم وتفرز مزيجاً من الملح والماء والمعادن “مثل الصوديوم” . وهي لا تصدر رائحة إلا إذا علقت بالجلد لعدة ساعات - وهذا الوقت يسمح للبكتيريا بأن تتضاعف - ما يؤدي إلى تشكل رائحة عرق، يمكن التحكم بها عن طريق الغسل المنتظم ومزيلات العرق .
ويقول الخبراء إن رائحة الجسم القوية تتأتى من الغدد “المفترزة” في الإبطين والأفخاد، وهي تطلق هرمونات الفيرومون الجنسية، وتنمو هذه الغدد في مرحلة البلوغ، وتفرز مادة زيتية، لزجة تصبح لاذعة على الجسم والرائحة المنبعثة من هذه الغدد تكون متميزة وأشد من الروائح الأخرى .
ويقول الدكتور وايتلي: “هذه الروائح موجودة لسبب، فهي تؤشر لأناس آخرين بأنك مشبع بالهرمونات ومستعد للتناسل . ولأسباب حضارية اجتماعية، لا يحب الناس رائحة الجسم، ولعل ذلك يعزى لكونها توحي بأن شخصاً ما بلغ ذروة الإثارة الجنسية، وتبوأ مركزه كمنافس قوي” .
ويبتعد أغلبية الناس عن إصدار رائحة الجسم القوية، حينما تنخفض مستويات الهرمون “في منتصف العشرينات من عمرهم” .
العلاج:في الحالات الشديدة، يمكن استخدام طريقة الاجتثاث بواسطة الليزر، وتشمل هذه العملية، التي تستغرق ساعتين، وتنفذ بتخدير موضعي، استئصال غدة أبوكرين (apocrine) “الغدة المفترزة”، من تحت الجلد .
ويقول الدكتور وايتلي، إنه يرفض إجراء هذه العملية لأغلبية الناس الذين يتميزون برائحة جسم قوية، لأنه ينبغي علينا أن ندرك أنها صحية وطبيعية، وتؤدي وظيفة مؤقتة للجسم .
متى يتوجب القلق؟في حالات نادرة، يمكن لرائحة الجسم الشديدة أن تؤشر على وجود ورم في غدة من الغدد الصماء “مثل الغدة الدرقية أو الإدرينالية”، يجعلها تطلق هرمونات أكثر .
وتوجد حالة نادرة تعرف ب”متلازمة رائحة السمك”، وتحدث بسبب انحراف جيني، وهذه الحالة لا يوجد علاج لها، لكنها لحسن الحظ، لا تسبب تعقيدات صحية .
رائحة الفم الكريهة
السبب:
يعاني معظم الناس بخر الفم أحياناً .
ويقول الدكتور نايغل كارتر، مدير المؤسسة البريطانية لصحة الأسنان، إن هذه المشكلة تصبح جدية وملحة لدى ما يصل لربع من يعانونها، وقد تترافق مع تعقيدات صحية شديدة . وتنجم رائحة الفم الكريهة من جزيئات ومركبات مادة ال”سلفا” و”الكبريت”، التي تطلقها البكتيريا التي تعيش في بيئات تفتقر للأكسجين، مثل مؤخرة اللسان أو التجاويف التي تنشأ بين اللثة والسن .
وفي ما يصل إلى 95% من الحالات الشديدة، تكون أمراض اللثة مسؤولة عن الرائحة الكريهة . كما يمكن لجفاف الفم أن يؤدي إلى تكون البكتيريا، وقد يكون عرضاً جانبياً من أعراض الأدوية والعلاجات المقاومة للاكتئاب، والمقاومة للتشنجات، وأيضاً العلاج بالأشعة والتغيرات الهرمونية التي تحدث بعد انقطاع الدورة الشهرية أو بلوغ النساء لسن اليأس .
ويقول الدكتور مايكل جون وارينغ اختصاصي جراحة الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى لندن، إن رائحة الفم الكريهة قد تنجم أيضاً عن تكلس اللوزتين موضحاً أن “هذه الروائح تحدث عندما تلتصق فضلات الطعام وأشياء أخرى بتجاويف في اللوزتين وتصبح متكلسة” .
العلاج:يقول الدكتور كارتر إن الإكثار من شرب السوائل يمكن أن يخفف حالة جفاف الفم .
كما يوصي الدكتور كارتر باستخدام بخاخات السلفا الاصنطاعية ومعاجين أسنان خاصة، ومطهرات الفم التي تحفز إفراز السلفا .
وينصح الخبراء بإزالة طبقة البلاك عن طريق السواك المنتظم، وتنظيف الفجوات التي تتخلل الأسنان بفرش أسنان يمكنها اختراق هذه المناطق أو بخيط حريري متين (FLOSS) . وينصح الخبراء أيضاً بمضغ اللبان الخالي من السكر، ومص النعناع لزيادة إفراز السلفا، التي تعتبر آلية الحماية الخاصة للفم . وتشمل الحلول الأخرى، تناول 2 أو 3 حبات طماطم يومياً لأنها تحتوي على مادة الأيونون، والأيونات مركبات تتميز برائحة عطرية ذكية وتساعد على طرد الروائح الكريهة .
ويقول الدكتور كارتر إن ألياف الجزر تعتبر مفيدة أيضاً لأنها تحاكي وظيفة فرشاة الأسنان . وفي العادة تتحلل المواد الكلسية التي تلتصق باللوزتين، من تلقاء نفسها، ويمكن طردها بواسطة جهاز يسمى “واتربيك” (Water pik)، وهو عبارة عن بخاخ “متوافر في الصيدليات” . وفي الحالات الشديدة يمكن إزالة اللوزتين .
متى يتوجب القلق؟
رائحة الفم الكريهة يمكن أن تكون مؤشراً على وجود التهاب في الحنجرة، أو الأنف أو الرئتين، أو علامة على التهاب شُعبي أو إصابة بمرض السكري . ويقول الدكتور كارتر: “رائحة النفس التي تكون أشبه برائحة الفواكه، تعتبر مؤشراً كلاسيكياً على وقوع مشكلات في الكبد والكليتين .
ويرى الأطباء أن البقع البيضاء على اللوزتين، ينبغي أن تخضع للفحص بواسطة طبيب لأنها قد تكون محتاجة مكافحة بمضادات حيوية، وقد تكون هناك مشكلات خطرة أخرى يتوجب العمل على إبطالها .
وعندما تكون رائحة نفس الفم الكريهة مترافقة مع قيء، يتوجب فحصها لأنها يمكن أن تكون علامة تحذيرية على اضطرابات معوية أو سرطان .
الغازات
السبب:
يرى الدكتور ديفيد فوركاست، اختصاصي الجهاز الهضمي في مستشفى لندن، أن الغازات تعتبر مخرجاً ضرورياً ولا يمكن تجنبه من مخرجات عملية الهضم .
ويضيف قائلاً: “امتلاء البطن بالغازات، يحدث نتيجة طبيعية للاهتراء البكتيري لفضلات الطعام المتبقية في القولون والتي لم -أو لن - تهضم في الأمعاء الدقيقة .
وعدم إخراج الغازات سيكون أشبه بعربة تسير بعادم مسدود، ولذلك فإن حبس الغازات بإمكانه أن يسبب ألماً في المعدة، وقد يسهم أيضاً في الإصابة بمرض البواسير .
ويقول العلماء، إننا نخرج في المتوسط ما يعادل ليترين من الغازات يومياً، بيد أن هذه الكمية تتغير تبعاً لنظامنا الغذائي .
ويقول الخبراء، إن الأغذية التي تبعث أو تحفز إطلاق الروائح الكريهة، تشمل الأطعمة التي تحتوي على سكريات ونشويات “كربوهيدراتية” مذابة “كالخبز والبروكولي والكرنب والبراعم النباتية” أو الألياف المذابة “كالحبوب والبقوليات، ومنتجات الحليب والبطاطس والشوفان” .
ولامتصاص الغازات والروائح يلجأ البعض لأخذ أقراص الفحم النباتي - متوافرة في الصيدليات - لكنها قد تمتص أدوية أخرى، ولذلك من الأفضل استشارة طبيب أو صيدلي قبل الشروع في تناولها .
وللاستمتاع بتناول الحبوب الغذائية، من دون معاناة من آثارها الجانبية المتمثلة في الغازات، انقعها في الماء لمدة 48 ساعة ثم اشطفها في ماء بارد، وبهذه الطريقة يمكنك إنقاص المواد التي تسبب الغازات والروائح بنسبة 72% .
متى يتوجب القلق؟لا تعتبر الغازات مشكلة إلا إذا اقترنت مع أعراض أخرى كالإمساك الشديد، ألم البطن، فقدان الوزن أو نزول دم مع البراز، وفي هذه الحالات ينبغي عليك أن تقابل طبيباً .
رائحة القدمين الكريهة
السبب:
يقول الدكتور نيك ماسيوشي، اختصاصي طب الأرجل في مستشفى نيوهام الجامعي: تنشأ رائحة الأقدام الكريهة من تكون البكتيريا، ويضيف: “توجد 000 .250 غدة تعرق في كل قدم، وهذا عدد لا يوجد مثيل له في أي منطقة من مناطق الجسم باستثناء الذراعين .
ولكن بخلاف الذراعين، التي تنعم بتهوية مستمرة، تكون الأرجل في أوقات كثيرة مغطاة بجوارب وأحذية وهذه بيئات تغذية جيدة جداً للبكتيريا” .
وتعتبر الرائحة الكريهة في الأقدام مشكلة بالنسبة إلى المراهقين والنساء الحوامل، لأن تعزيز الهرمونات وزيادتها يجعلهم يعرقون أكثر .
ويكون الإنسان أكثر عرضة لرائحة القدمين، إذا كان مرهقاً ويقف على قدميه طوال اليوم “لأن الأوعية الدموية تكون تحت ضغط أكبر، ولذلك تتمدد وتفرز كمية أكبر من العرق لكي تظل في حالة برودة” .
وتحدث رائحة العرق في القدمين أيضاً، إذا كان الشخص يعاني التهاماً ناجماً عن فطريات “وهذا يحدث كثيراً في أقدام الرياضيين” .
العلاج:
يقول الدكتور ما سيوشي إن الحل يكمن في اتباع نظام تنظيف صارم للقدمين . ويضيف: “إذا كنت تعرق في حذائك الرياضي أو في حذائك الذي اعتدت أن تذهب به للعمل، فمن الأفضل أن تحفظهم في غرفة دافئة وجيدة التهوية، وانزع النعل الباطن لكي تسمح للهواء بأن يتوزع وينساب حتى يجف الحذاء . ومن الأفضل ألا ترتدي الحذاء نفسه في يومين متتالين .
وإذا كنت حساساً أو معرضاً أكثر من غيرك لتعرق الأقدام، ينصحك الدكتور ماسيوشي بمسح الفجوات التي تتخلل أصابع قدميك بقطن طبي مبلل بمطهر، ويستحسن أن تفعل ذلك بعد فراغك من الاستحمام .
ويرى الدكتور ماسيوشي أن هذه العملية تعمل على تجفيف وتطهير القدمين، لكي تمنع التعرق .
ويقول الخبراء، إن مزيلات العرق يمكن استخدامها على الأقدام - وللحالات الشديدة - ينصحون برش الأقدام في الليل بمزيل عرق يحتوي على كلورايد الألمنيوم الذي يعمل على إغلاق مسامات التعرق” .
متى ينبغي القلق؟
يقول الدكتور ماسيوشي إن التشققات أو الاحمرار - خاصة بين الأصابع - يمكن أن تكون علامة على إصابة بالتهاب فطري، وفي الحالات الشديدة قد تكون هذه الأعراض مؤشراً على إصابة بالسكري، الذي يجعلك أكثر عرضة لهذه الالتهابات، وفي هذه الحالة ينبغي عليك أن تحصل على استشارة طبية .
