بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ و َجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
# "يا أيها" ................
"يا" نداء و توجيه خطاب أمر و نهي؛
"أيّ" تخصيص بالحصر و الاستثناء
"ها" محظوظين بما متعهم الله سبحانه و تعالى بنعمة اليقظة و النباهة.
# "الذين" ................ جملة الناس، أصلهم المعاناة من معاينة أصل حال الناس و هو العدم الديني أي الجاهلية، و هم في عالم الذر، أي المستصغرين، المهملين الساقطين من أعين الناس.
# "آمنوا" ................ آمنوا قيد يحصر الخطاب في البعض المؤمن، و يستثني البعض الذي استصحب الكفر.
# "اتقوا الله" ............... أمر بتذويب السلبية، أي التخلية .... تخلوا عما نهاكم الله عنه، و كرهه إليكم، انتهوا عن المعاصي، و إضاعة الوقت فيما لا ينفع و لا يضر. ومن باب أولى نهي عن الزيغ نصبا أو رفضا. إذ الانتماء و الولاء مقدم على الطاعة، و الخيانة و التولي شر من المعصية.
# "و ابتغوا إليه الوسيلة" .............. : "تركتكم على الجادة، ليلها كنهارها، لا يبتغيها إلا سالك، و لا يزيغ عنها إلا هالك", الوسيلة هي المؤمنون الموفقون لما يحب الله و يرضاه همهم استنهاض هممهم و ترقية حالهم و تحسين أفعالهم بصعود الجادة، ليكتسبوا الأهلية و الصلاحية و الجدارة بتحصيل عدالة النفس التي حالها الإدمان على محاسبة النفس، و أهل البصيرة المقتدرون على إقامة الحجة على الكافر و العاصي، و بيان حق الله تعالى على الناس.
رتب المعاصي التي تنهى تقوى الله عز و جل عنها...
.1 الزيغ....... و علامة النفاق، : "لا يتهمني إلا من عصى ربه، بي مُــــيـــِّــز بين مؤمنكم و منافقكم"، : "لا يبغضك مؤمن، و لا يحبك منافق"
.2 الكفر.......... الوقوف على الظواهر المحسوسة الملموسة، و عدم رؤية ما فوقها من آثار الأفلاك و الملائكة و الأسماء المعار لهم السلطان من الله سبحانه و تعالى، و الغفلة عن حقيقة أن الله سبحانه و تعالى هو المحرك الأول لما يحدث في كل عالم.
.3 العجب، و غمط الناس (احتقارهم)، و البهتان تكفير الناس و إدانتهم بدون بينة ظنا و وهما....
.4 الرذيلة.... الزنا و السرقة و الإيذاء.
# "و َجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ" ............. أدمنوا على الموت بألوانه، أحمره قتل هوى الرعونة، و أسوده احتمال أذى الناس، و أبيضه الاقتصاد في المأكل و الحذر من الشراهة و البطنة المقعدة عن القيام بالواجب، : "لا تجتمع عزيمة و وليمة"، و أخضره ترك الإقتصاد في الملبس و المسكن و المركب و البعد عن الانغماس في بئر وحل الترف ،،،،،،،،،، صيانة لعدالة أنفسكم و يقظة أرواحكم، و رشد عقولكم، و صحة أبدانكم. "الذي خلق الموت (الافتراق للاختصاص الموجب للاختلاف و الخصام) و الحياة (التعارف للاجتماع الذي آفته كثرة الوفاق و التقدم في المجاملة و هما حد النفاق) ليبلوكم أيكم أحسن عملا"
# "لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"............. لعلكم... تعليق العاقبة و نتيجة السعي على إرادة الله سبحانه و تعالى، أي إن الفلاح الذي هو عكس الخيبة، و الفشل و الإخفاق، لا تستطيعون تأكيد ترتبه على عملكم، فمهما فعلتم و تركتم، ما أمرتم به و نهيتم عنه، يبقى الفلاح و النجاح و النجاة و الفوز مجرد احتمال و توقع يرجحه حسن الظن بالله تعالى و رجاء فضله و عفوه و إحسانه و جوده و كرمه.
أجزاء الآية الكريمة سرد مرتب
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ و َجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
أطوار ستة... البدء عدم الجاهلية، ثم وجود الإيمان، ثم كينونة التقوى، و التوسل، و الجهاد، و الخاتمة الرجاء.
معلوم للناس جميعا أن الجاهلية قبل الإسلام، و مأثور الترتيب: "التخلية قبل التحلية"، و معلوم بداهة : "الأخلاق أصعب شيء اكتسابا، و أسهل شيء خسارة"، و مراعاة لهذه الحقيقة يتوجب الحرص على مواصلة محاسبة النفس و مسائلتها و عدم ترك تهذيبها، الحذر من إهمال استمرار ترقيتها حتى تصل إلى الربانية و هو غاية صعبة تستهلك العمر الطويل و ربما لا يتحصل نصفها أو ربعها.
الإيمان ... نقلة من العدم إلى الوجود، و التهيؤ لتلقي الخطاب الإلهي أمرا و نهيا.
التقوى ... تخلية و تنقية و تبرى و استشفاء من مرض رعونة الزيغ و ضلاله نصبا أو رفضا.
التوسل ... الناس في الخير أربعة.. كريم ابتداء، و حر اقتداء، و شقي حرمانا، و لئيم استحسانا.
الجهاد ... يقظة و بصيرة و حماسة و مبادرة و فعالية، : "إدفع بالحسنة السئة، و خالقوا الناس بخلق بحسن."
..............
أبو رابعة فخر النبي تلميذ علي إبن رجب الشافعي
محمد سعيد رجب عفارة