حنبعل مشرف
| موضوع: الجزىء الثالث و الاخير من محاضرة الفكير الابداعي الأربعاء نوفمبر 16, 2011 5:38 pm | |
| ليس هذا فحسب ، فهي تساعده على المشاركة في صنع القرار، كما تساعده في تحديد الأولويات والبدائل ، والمشاركة في وجهات النظر عن طريق طرح الأفكار والآراء أثناء الحوار والمناقشة . والأهم من ذلك، أنها تهيئ الفرد للتكيف مع المتغيرات الضرورية للانخراط في العمل والحياة داخل مجتمعه الخاص والمجتمع الإنساني، على حدّ سواء. كما تُهيئه للقيام بالأدوار القيادية والنجاح فيها. وتُساعده على التفكير المستقل، وعلى السرعة في التفكير، وعلى استقبال أفكار الآخرين وفهمها وتقبلها أو مناقشتها بطريقة علميّة ومنطقية، بحيث يتقبلها الآخرون بعقول متفتحة.
10- هل للوراثة والبيئة تأثير على الإبداع؟
يعتقد بعض الباحثين أن الأثر الكبير على الذكاء يكمن في البيئة، أي التربية. وبما أن العلاقة بين الذكاء والإبداع علاقة متينة، إذن فما ينطبق على الذكاء ينطبق على الإبداع. وهناك من يعتقد أن للوراثة أثراً كبيراً على الإبداع، بدليل أن هناك العديد من الأطفال يُبدعون في المجالات التي ُيبدع فيها آباؤهم وأمهاتهم. وسواء كان للوراثة أو للبيئة تأثير على الإبداع، فإن ما يهمنا هو ما نستطيع أن نوفره للشخص لكي يصبح مُبدعاً، أو ليطوّر إبداعاته. فمما لا شكّ فيه أن التفكير الإبداعي يحتاج إلى بيئة مشجعة ومحفزة، سواء ورث الطفل ذلك أم لم يرثه. وهناك مقولة، تؤكد ، بأن في قلب كل فرد روحاً مبدعه. فإذا ما توفرت البيئة الملائمة، والمشجعة على الإبداع، فإن تلك الروح تتألق وتزدهر. ومن أجل ذلك، فإن الأطفال بحاجة لأن تكون البيئة المدرسية والأسرية، غنيّة بكل ما يحتاجونه، وبكل ما من شأنه أن يدفع بهم إلى النمو نفسياً وعقلياً وجسدياً ووجدانياً واجتماعياً، ليبدعوا في واحدة أو أكثر من مجالات الإبداع المتعدّدة. وهم يحتاجون بشكل خاص، إلى نظام مدرسي، ومنهاج مدرسي يُعطيهم ويُعطي معلميهم مساحة كافية من الحرية، التي تسمح لهم بالطلاقة في التفكير، وبإجراء التجارب، وبالتأمل، وبالمطالعة الحرة، وبإعداد البحوث والدراسات، وبالاكتشاف، وباللعب ، وبالاستماع إلى الموسيقى، وبالاستمتاع بقراءة الشعر وممارسة الرسم والكتابة الإبداعية، وبتبادل الأفكار والآراء عن طريق النقاش الهادف والعصف الفكري، الذي يُحوّل الأطفال إلى شعلة من النشاط الذهني المتوقد، والعيون البرّاقة، والقلوب السعيدة أثناء مشاركتهم الفاعلة في جميع الأنشطة والأعمال المدرسية التي يقومون بها برغبة ومحبة.
يقول رون هبارد (1996) " إن أفضل أساليب التعلّم هي أن يشعر الطفل بأنه يحبّ كل عمل يقوم به، وكل شخص يشاركه في ذلك العمل". وسواء كان الطفل مبدعاً بالوراثة أم بتأثير البيئة، فلا بدّ له لكي يستمرّ ويطوّر تفكيره الإبداعي، من بيئة ثرية تشحن قدراته وترتفع بها إلى الأعلى. " فالمطلوب في هذا العصر مبدعون ومبتكرون ومكتشفون، وأناس لديهم القدرة على التخيّل وسرعة التغيير ". (بهاء الدين، 2003، ص 178).
11- هل هناك علاقة بين الإبداع والقيادة؟
في كتابه ( المائة )، يشير الكاتب (هارت، 1985) إلى الإسهامات الخالدة التي قدمها هؤلاء الأشخاص المائة للثقافة الإنسانية، لا في عصرهم فحسب، وإنما في العصور التي تلته. إن هؤلاء الأفراد البارزين من المبدعين والقادة، يشتركون في امتلاكهم لخاصيّة العبقرية. وهذه العبقرية تقاس من خلال مقدار التأثير الذي خلفته على المعاصرين واللاحقين. وتعريف العبقرية لا يميزّ بين الإبداع والقيادة. فحين نضع أشهر المبدعين وأشهر القادة تحت الفحص، فإن ذلك الفرق بين الإبداع والقيادة يختفي، لأن الإبداع يُصبح شكلاً من أشكال القيادة. فالمبدعون هم قادة ثقافيون. وقد كان لأفكار آينشتاين النظرية تأثيرها البالغ على زملائه من علماء الطبيعة بشكل خاص، وعلى المجتمع العلمي بشكل عام. وكذلك كان تأثير بيتهوفن على الموسيقى وميكل أنجلو على النحت وشكسبير على الدراما، تأثيراً كبيراً في زمانهم هم، وفي الأجيال التالية لهم. فالمبدعون المشهورون، هم قادة في الشؤون الفنية والعلمية. (سايمتن،1993، ص15).
ونحن لو استعرضنا الإنجازات التي قدّمها المبدعون على مدار التاريخ، لأدركنا تأثيرها المباشر وغير المباشر على الأجيال المتعاقبة جيلاً بعد جيل. حتى أننا نكاد نراهم ونسمعهم ونتمثلهم أمامنا. وسواء كان هؤلاء الأشخاص مبدعين في المجال السياسي أو الفني أو العلمي أو غير ذلك، فإن تأثيرهم علينا يظلّ كبيراً. وأهم ما يميزّ هؤلاء المبدعين، أنّ تأثيرهم لا يقتصر على شعب دون آخر، وإنما يمتدّ ليشمل جميع شعوب العالم. ولو تتبعنا التاريخ، لعرفنا كم كان للعرب تأثير على الثقافة الأوروبية في مجال الطب والفلك والموسيقى والرياضيات وغيرها من الفنون. وفي الوقت نفسه، تأثرنا نحن العرب بالإنجازات التي حققها مبدعون عالميون من شعوب أخرى. وأيّ إنجاز يُقدَّم للبشرية ويجري تعميمه، يتحوّل إلى فكر أو علم أو فن، يمتزج في العقل الإنساني للفرد، حيث يتحول إلى جزء حميم من فكر وعلم وثقافة ذلك الفرد. وأي اختراعٍ مبدع، يتحوّل إلى أداة يستخدمها الآخرون، أو يقودهم إلى تطويره والبناء عليه في مزيد من الاختراعات التي تخدم البشرية كلها. وليس غريباً إذن أن يُعتَبر المبدعون قادة الحاضر والمستقبل، للأجيال المتعاقبة. وكلما كان إنجازهم أكثر أهميّة، كان حضورهم أكثر تأثيراً. حتى أن برامز، وهو أحد المبدعين في الموسيقى، فسّر توقفه عن كتابة إحدى سيمفونياته مدّة اثني عشر عاماً بقوله:" إنك لن تستطيع أن تعرف كيف يشعر أمثالنا، عندما نسمع وقع أقدام عملاق مثل بيتهوفن خلف ظهورنا" (سايمتن، 1993، ص15). مما يشير إلى أن هؤلاء المبدعين يظلون حاضرين في أذهان من يتأثرون بإنجازاتهم على مدى الزمان والمكان.
12- الإبداع الفردي والجماعي:
هل يقتصر الإبداع على الفرد دون الجماعة؟ لقد كان المفهوم سابقاً بأن الإبداع يكون فردياً لأن الذي يقوم به فردٌ واحدٌ. أما فيما بعد، فقد تغير هذا المفهوم، خاصة في مجال البحث العلمي. حيث أنه يمكن لمجموعة من المبدعين إنجاز اكتشافات أو اختراعات قدّموها معا،ً بجهودهم وأفكارهم وبالتعاون فيما بينهم. كما يُمكن لمجموعة من الفنانين التشكيليين أن يشتركوا في إنجاز جدارية ضخمة. وهكذا. إذن، فالإبداع يُمكن أن يكون فردياً كما في الشعر، أو جماعياً، بحيث يشارك فيه مجموعة من الأشخاص المبدعين كعمل مشترك، كما في الهندسة أو الفن التشكيلي أو الأبحاث الطبية. وقد يُشارك فيه عدد كبير من الأشخاص، كما في العروض الرياضية، أو عزف السيمفونيات العالمية أو المسرح أو الأفلام ذات المستوى الرفيع.
. ونحن في فلسطين قد أبدعنا في جميع هذه الأنواع ، خاصة خلال الانتفاضة الأم وانتفاضة الأقصى الحالية. فلأوّل مرّة في تاريخ الشعوب المستعمَرة أو المُحتلَّة، نجد شعباً بكامله يتحوّل إلى خلية نحل، فيتعاون ويقدّم كلّ أشكال الإبداعات والتضحيات من أجل هدف واحد نبيل مشترك، هو الدفاع عن الحريّة. ولم تقتصر إبداعات الشعب الفلسطيني على نوعٍ محدّد من الإبداع، فهناك الإبداع في رتق النسيج الاجتماعي، وهناك الإبداع الفني والأدبي، وهناك الإبداع النضالي الذي شارك فيه الطفل إلى جانب العجوز، والمرأة إلى جانب الرجل. والذي تحوّل إلى سيمفونية خالدة في قلوب جميع شعوب العالم.
13- هل للسن تأثير على الإبداع؟
اخترع باسكال آلة حاسبة وهو في الثامنة عشرة من عمره. كما اخترع سكاي دايتون، أحد الطلبة في مدرسة دلفاي بلوس انجلوس، شبكة ( earthlink ) الدولية وهو دون الثامنة عشرة. وكان قد بدأ شركته بموظفين اثنين أو ثلاثة، وهي الآن تضمّ أكثر من (1200) موظفاً وموظفة. صحيح أن العديد من الاكتشافات والاختراعات تمت في سنّ مبكرة من مكتشفيها. إلا أن هذا لا يتعارض مع وجود عمالقة في الأدب والموسيقى وغير ذلك، ممن كانوا يزيدون عن السبعين والثمانين من أعمارهم ، أمثال غوته وبيتهوفن ومارك توين من الأجانب، وعمر الخيام وطه حسين ونجيب محفوظ وغيرهم من العرب والمسلمين. أي أن الإبداع يمكن أن يحصل في فترات عمرية واسعة، فهو قد يبدأ من الخامسة عشرة أو أقل، ويمتّد إلى التسعين. إذ لا توجد حدود معينة في ذلك . وأفضل مثال على ذلك الفنان الإسباني الكبير بابلو بيكاسو، الذي واصل نشاطه الإبداعي في الفن التشكيلي إلى ما بعد التسعين، وكذلك الكاتب العربي الكبير نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل للآداب. وتشير معظم الدراسات والأبحاث إلى أن سمات الإبداع تظهر لدى الأطفال قبل المرحلة الثانوية. ثم تقوى وتزدهر في المرحلة الجامعيّة. أما النتاجات الإبداعية في مجال الشعر والموسيقى، فيمكن أن تظهر في سن مبكرة. وعلى سبيل المثال، فقد قاد موزارت أوبرا في ميلانو وهو في الرابعة عشرة من العمر، أما إينسكو، فقد ألف " أسلوب القصيدة الرومانية وهو في سن الخامسة عشرة. ومن جهة أخرى، فقد أبدع فيردي أوبرا فالستاف وهو في سن الثمانين، أما غوته ، فقد أتمّ الجزء الثاني من كتاب فاوست وهو في الثانية والثمانين. إلا أن المعطيات التي أوردها ليمان وآخرون، تبين أن النتاجات الإبداعية تنمو باستمرار حتى الثلاثين إلى الأربعين من العمر، ثم تهبط تدريجياً. إلا أن هذا لا ينطبق على جميع المجالات، ولا على جميع الحالات. (روشكا، 1989، ص 148-149).
أما د. بهاء الدين (2003)، فهو يدعو إلى الاهتمام بالطفولة المبكرة، وذلك بأن يبدأ التعليم قبل السن المدرسي. خاصة تعليم اللغات والموسيقى والمهارات اليدوية الدقيقة. كما يدعو إلى استخدام أساليب مبتكرة تخاطب كلّ أنواع الذكاء وكل حواس الطفل وعواطفه. وذلك من أجل التمهيد لتنمية قدراته على الإبداع والانطلاق بها فيما بعد. وفي ضوء ما تقدّم، يتضح أن هناك مجالات يبدأ فيها الإبداع لدى الأفراد في سن مبكرة، وقد يستمر إلى سن متأخرة أو لا يستمرّ. بينما هناك مجالات يظهر فيها الإبداع في سن متأخرة، خاصة في المجال السياسي. وما يهمنا نحن، أن ننمي الإبداع لدى جميع الأطفال من خلال برامج تعليميّة تحفزهم وتتيح لهم فرصة الإبداع في المجالات المختلفة، وذلك بإثراء البيئة التعليميّة/ التعلميّة، وبتطوير المناهج، بحيث تلبي حاجاتهم وتقوّي دافعيّتهم للبحث والاكتشاف، وتنمي مواهبهم وتصقلها وتفتح لهم باب الخلق والإبداع على مصراعيه.
14- التفكير الإبداعي والأخلاق
هل يرتبط التفكير الإبداعي دائماً بالأخلاق؟ الجواب ، نعم. فالتفكير الإبداعي يرتبط في جميع الحالات بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية. فاكتشاف الذرة مثلاً، عمل إبداعي دون أي شك. خاصة إذا جرى استعمالها في المجالات التي تخدم الإنسانية وتُساعد على رفاهية البشر وسعادتهم. أما إذا استُعملت لتدميرهم، فإنها تُعتبر عندئذٍ عملاً ذكياً، لكنه لا أخلاقيّ. ومثل ذلك اكتشاف الديناميت. فهو قد يُستعمَل لتفتيت الصخور من أجل استعمالها في بناء المنازل السكنية والمدارس والمصانع والمستشفيات، ولكن إذا استُعمل لتدمير هذه المنشآت، فإنه يُصبح عملاً ذكياً لا أخلاقياً. وما نحتاجه في زماننا الحالي، هو الكثير من التفكير الإبداعي المرتبط بالأخلاق، وبالقيم الإنسانية، في جميع المجالات. فأي اكتشافٍ أو اختراع غير مرتبطٍ بهذه الأخلاق والقيم، قد يؤدي إلى نشر الأوبئة وتدمير البيئة والقتل الجماعي للشعوب.
اختار مايكل هارت في كتابه " المائة" ، أهمّ الشخصيات الخالدة على مدى التاريخ، ممن كان لهم أثر عالمي، سواء كان ذلك الأثر علميّاً أم فنياً أم سياسياً أم دينياً. وقد كان على رأس القائمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فأثره لا زال عميقاً متجدداً، ليس فقط على العرب والمسلمين، وإنما امتد ليشمل الناس كافة . ليس غريباً أن تشمل القائمة عدداً كبيراً من المبدعين في العلوم كإسحاق نيوتن وألبرت أينشتين ومايكل فرادي وغيرهم. وفي الأدب كويليام شكسبير وفي الموسيقى مثل بتهوفن وباخ. وفي الفن كمايكل أنجلو وبيكاسو. وفي التاريخ كعمر بن الخطاب الذي ساعد بذكائه وعبقريته على نشر الإسلام وتمكينه من البلاد الأخرى. إلا أن الغريب أن تضمّ القائمة أشخاصاً كهتلر، باعتباره عبقرية شريرة إلى جانب المبدعين والعباقرة الذين قدّموا إنجازاتهم لكلّ بني البشر. لقد أصبح الربط بين التفكير الإبداعي والأخلاق مهمّة عالميّة، لا تقتصر على دولة دون دولة، أو شعبٍ دون شعب . وإنما يجب على جميع دول وشعوب العالم، أن تتنبّه إلى ضرورة التخلص مما هو ضار ومؤذٍ بالنسبة لها أو لغيرها. والى تحويل أية اختراعات أو اكتشافات إلى ما هو مفيد لها ولغيرها. وبهذا يتجنب الجميع الكوارث والمآسي التي قد تُسببها تلك الاكتشافات والمخترعات. وفي هذا الشأن، يجدر بهيئة الأمم، أن تُعيد النظر في مهامها، وأن تقصرها على تحقيق العدالة والحرية والسلام والسعادة لجميع شعوب الأرض. كما يجدر بنا جميعاً كمربين، أن نُنشئ أطفالنا على ممارسة الأخلاق الحميدة، والمبادئ الإنسانية وعلى قيم الحق والخير والجمال ، التي تكون بمثابة الحاضنة لأفكارهم وإبداعاتهم في الحاضر والمستقبل.
15- الإبداع والتربية:
هل للتربية أثر على الإبداع؟ إنّ التربية الحقة هي التي تقود إلى الإبداع، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار دورها الفاعل في تربية التلاميذ والطلبة كلهم، انطلاقاً من المقولة التالية:" إن تربية الإبداع ممكنة لأي شخص طبيعي عادي من وجهة نظر عقلية. وتوجد اليوم براهين كثيرة على أن أي شخص عادي يُمكن تطوير الإبداع لديه بقليل أو كثير ، بهذا الاتجاه أو ذاك." ( روشكا، 1989، ص207). ونحن حين نذكر التربية، فإننا نعني بذلك التربية الشاملة للفرد عن طريق المؤسسة التربوية والبيت والمجتمع. إذ أن جميع هذه الجهود، يجب أن تتضافر جميعها، وأن تنصهر معاً لتُشكّل قوّة الدفع لأي طفلٍ أو فردٍ في تنمية قدراته والانطلاق بها إلى أقصى درجة. ومن أجل ذلك أفرد سعادة (2003) دراسة خاصة حول تدريس مهارات التفكير ومهارات التفكير الإبداعي ، تتضمن مئات الأمثلة التطبيقية، ليستفيد منها المربون، وأولياء الأمور والطلبة على اختلاف المراحل الدراسية التي وصلوا إليها. ونحن إذ نُؤكّد على دور المدرسة ، بشكل خاص، فلأنها الحاضنة الرئيسة ، إلى جانب البيت، التي تضع في أعلى قائمة اهتماماتها ، التربية المتكاملة للنشء ، عبر العمل والممارسة ، لأن ذلك هو الأداة الأساسية للتطوير المتكامل للشخصية، عقلياً ونفسياً وجسمياً وانفعالياً واجتماعياً ووجدانياً. وهذا يُؤكّد الأهميّة الكبرى لفعالية الإمكانات التربوية، التعليمية والتعلمية، التي تساعد على تكوين الاستعدادات والخصائص والاهتمامات والإبداعات المختلفة لدى جميع فئات الطلبة. ومن أجل ذلك ، يُفترض في النظام التربوي أن يتميّز هو نفسه بالإبداع . أي يواكب العصر المتغير الذي نعيشه، والذي يتطلب من الفرد التسلح بالمهارات والقيم والأخلاق التي تساعده على ممارسة حياته بشكل جيد، وعلى اكتساب المعرفة التي يحتاجها بسهولة ، داخل المؤسسة التربوية وخارجها.
وهنا يكمن دور المؤسسات التربوية على اختلاف مستوياتها الأكاديمية. بحيث تقوم بإعداد وتشجيع وخلق المناخ الملائم لإذكاء دافعية الطلبة على الإبداع في شتى المجالات. وبأن تتبنى الأساليب الاستكشافية بدلاً من الشرح والتفسير، وبأن تركز على الفهم والتطبيق بدلاً من الحفظ. وبأن تستفيد من التجارب المتراكمة في العالم كافة، وفق منظور بنائي نقدي. وبأن تهتم بتطوير وتكوين الشخصية المبدعة لدى جميع فئات الطلبة، وبتنمية القدرات الإبداعية لديهم نحو ما هو مفيد وذو قيمة. وتنمية مشاعرهم نحو العمل من أجل رفاهية الإنسانية وسعادتها. كلنا يعرف أن العديد من المكتشفات والمخترعات يُمكن أن تُستخدم من أجل الإنسان ومصلحته، وفي الوقت ذاته، يُمكن استخدامها من أجل تدميره ووقف تطوره. فالطاقة النووية مثلاً، يمكن استخدامها من أجل تدمير البشرية، كما يُمكن استخدامها من أجل السلام والصداقة وسعادة البشرية. ( روشكا، 1989، ص 37). ولن يتمّ ذلك إلا إذا توفرت التربية الحقيقية وترسّخ مفهومها النبيل لدى جميع المتعلمين. ويؤكد الباحثان، كليمان وشيرياك " بأن تطبيق الطرائق الحديثة في التعليم والتعلم، تستلزم من التربوي الهدوء والصبر إزاء النتائج التي يتم الحصول عليها عبر الاكتشاف الموّجه . وبأن تنظيم هذه الطرائق في إطار عمل الجماعات في التعليم والتعلم عبر الاكتشاف، هو تنظيم مُفيد ويمكن تعميمه. ( روشكا،1989، ص 208). أما التعليم التقليدي، فإنه يُعيق العبقرية ولا يدعمها. وقد نبهت حبش (2002،ص9) إلى ضرورة الانتقال من أساليب التعليم التقليدي إلى أساليب حديثه وفعّالة، تساعد كلاً من المعلمين والطلبة على حدّ سواء، فتقول: " لم تعد عملية التعليم / التعلم مجرّد عملية تلقين من جانب المعلم، وحفظ من جانب الطالب. وإنما عملية تواصل وتفكير مشترك بين المعلم والطالب. وإلى تفاعل عميق مع البيئة الخاصة والعامة، القريبة والبعيدة، في الماضي والحاضر والمستقبل".
ويمكن الاستشهاد بألبرت أينشتين. ففي ملاحظاته في سيرته الذاتية كتب، " لقد كان على المرء أن يحشو عقله بكل هذه المواد، سواء كان يحبها أم لا". ( سايمتن،1993، ص105). ثم يُشير إلى أساليب التدريس التي تخنق حبّ الاستطلاع المقدّس لدى الطلبة. ويُضيف، " هذه النبتة الصغيرة الطرية، تحتاج أكثر ما تحتاج إلى الحرية فضلاً عن الحوافز. ومصيرها التلف لا محالة، إن لم تحصل على هذه الحرية. ومن الخطأ القاتل أن نعتقد أن متعة الرؤية والبحث يُمكن أن تتعزّز من خلال وسائل القهر والشعور بالواجب. " (سايمتن،1993، ص105). وكذلك فقد أشارهبارد (1996)، إلى أن 95% مما تعلمه في المدرسة، كان مجرّد حشو للمعلومات التي لم يستخدمها طيلة حياته. ولذلك، فمن أولويات المؤسسة التربوية الحديثة، أن تهيئ الطلبة، على اختلاف فئاتهم، إلى الحياة وإلى المستقبل . ومن أجل ذلك، يقع على عاتقها أن تعلم الطلبة كيف يتعلمون، وكيف يوظفون ما يتعلمونه في حياتهم الخاصة والعامة. أما ماتشادو (1989) ، فهو يعتبر أن المهمة الأساسية للدولة هي التربية. وبأن الحكم هو التربية. وليس بالمستطاع أن تكون هناك مهمة للحكومة أعظم شأناً من الكفاح لرفع ذكاء الشعب.
وقد أشارت حبش( 1998) في كتابها ( تعلم كيف تتعلم بنفسك )، إلى ضرورة أن "نُعلّم التلاميذ كيف يتعلمون . وذلك بأن نُنمي فيهم القدرة على التعلّم الذاتي المستقلّ، الذي يستمرّ معهم مدى الحياة". ومن أجل ذلك، ركزت على المهارات القرائية الأساسية التي تُساعد على التعلم السريع والفعّال لكل ما يريد الطالب أن يتعلمه ويوظفه في حياته. إن التعليم بمعناه العصري هو التعلّم مدى الحياة، وتمكين الإنسان من خبرات التعلم الذاتي، فقد أصبح من المستحيل أن نُحمّل أبناءنا خزائن المعلومات المتاحة لهم . فهذا فوق قدرة أي بشر. وأصبح الخيار الأوحد هو أن نُسلحهم بمفاتيح هذه الخزائن فقط، وأن نُعلمهم طريقة استخلاص المعلومات وطريقة تنظيمها وطريقة توظيفها. ومن أجل ذلك، لا بدّ من تغيير أفكار المعلمين وسلوكياتهم وخبراتهم، وتدريبهم تدريباً جيداً بحيث يتم إعدادهم لمهام ومسؤوليات جديدة ومُتغيرة . ( بهاء الدين 2003). إن التربية الحقيقية هي التي تُساعد كل طفل على الارتقاء بقدراته وبذكائه إلى أقصى درجة، وذلك عن طريق إفساح المجال له لاكتساب المهارات والقيم الإنسانية وممارستها والتدرب عليها وتوظيفها في حياته اليومية. وهي التي تكتشف إبداعات الطلبة منذ سن مبكرة، فترعاها، وتُهيئ لها البيئة التي تُساعد على نُموّها. ومن ثم تُشجّعها وتُكافئها وتفخر بها.
16- ما هي معوّقات التفكير الإبداعي
يعتقد البعض أن الافتقار إلى الصحة النفسيّة أو الجسدّية واحدٌ من معوّقات التفكير الإبداعي، وحتى التفكير العادي. حيث ينصبّ تفكير الفرد على نفسه وعلى حاجته للعلاج. وهناك من يعتبر أن للمناخ الطبيعي أو البيئة التي يعيش فيها الفرد أثراً سلبياً عليه، إن لم تتوفر فيهما الشروط اللازمة لتنمية مهارات التفكير لديه. كما أن هناك من يعتقدون أن الوضع الاقتصاديّ أو الاجتماعيّ المتردي، من أهم معوّقات التفكير الإبداعي. وكذلك الحياة في ظلّ القمع وعدم الاستقرار والإحساس بالأمن. أما حالات الرعب والقلق، فهي وحدها تؤدي إلى الارتباك والضغط النفسي. كلّ هذه الأمور أو حتى بعضها، كفيل بأن يؤدي إلى عدم التركيز، وإلى التشتت الذهني للأفراد والجماعات. كما أن هناك عقبات تواجه التفكير الإبداعي مثل التربية التقليدية السلبية، التي لا تسمح بالاطلاع على ثقافات الآخرين وجهودهم العلمية والأدبية والفنية. ولا تتيح الفرصة لأبنائها للتفكير النشط والإبداع في المجالات المختلفة . وأحياناً تكمن مثل هذه العقبات في الشخص نفسه، خاصة إذا اتصف بالكسل والخمول أو الشعور بالنقص، والاعتقاد بالأفكار والآراء البالية، وضعف الثقة بالنفس، والافتقار إلى المرونة، وضعف الحافز الذاتي، وضعف الحساسيه نحو المشكلات والمواقف المختلفة، أو الانشغال الزائد في الأعمال الروتينية المملة. الأمر الذي يساعد على إضعاف الروح الإبداعية، وربما العمل على قتلها ( سعادة 2003).
وهناك من هم على عكس ذلك تماماً، ممّن يعتقدون أن التفكير الإبداعيّ ينبع من قلب الظروف الصعبة ، التي تجعل الفرد المبدع قادراً على ابتكار الأساليب والوسائل للتخلص من تلك الظروف، أو للتكيّف معها بطرق مدهشة . وعلى سبيل المثال، حين أصيب رون هبارد بالشلل التام وشبه العمى، قرّر أطباؤه أنه حالة يائسة لا يُمكن شفاؤها. وبأن الشيء الوحيد الذي ظل سالماً من جسده هو عقله. رفض رون هبارد الاستسلام لتقارير الأطباء، وراح يُفكر بالطرق التي تساعده على الشفاء من مرضه. واستمرّ في القراءة والبحث ( رغم ضعف نظره الشديد)، إلى أن استطاع أن يساعد نفسه على الشفاء من العاهتين المستعصيتين: الشلل، وضعف النظر. وهو لم يكتفِ بشفاء نفسه فحسب، وإنما ساعد الكثيرين من الأشخاص على الشفاء من حالات مشابهة. وكلنا يعرف أن بيتهوفن أبدع سيمفونيته التاسعة بعد أن فقد حاسّة السمع. وهناك العديد من الحالات التي يُبدع فيها ذوو الإعاقات الجسدية، مُتحدّين إعاقاتهم ومُركّزين على مجالاتٍ يُبدعون فيها. إذن ، ما السرّ وراء ذلك؟
نحن نقول عادة: الحاجة أمّ الاختراع. إذن حيثما تكون هناك حاجة مُلحّة لاختراع شيء ما يساعد على تلبيتها، أو حيثما يشعر بعض الأفراد بأن لديهم القدرة والرغبة لسدّ تلك الحاجة، يكون هناك إبداعٌ حقيقيّ. وفي الوقت نفسه، إذا توفرت البيئة الغنية لجميع الأفراد لأن يُوظّفوا مهارات التفكير لديهم، وإذا وجدوا التشجيع والحوافز والمكافآت والتقدير، سواء كان ذلك بطريقة مادية أو معنوية، فإن ذلك يشحذ تفكيرهم إلى أقصى درجة، ويدفعهم إلى اكتشاف وإنجاز واختراع ما لم يكن يخطر لهم أو لغيرهم على بال . وحيث أن حاجتنا لا تقتصر على بضعة أفراد فحسب ليتفوّقوا في بعض مجالات الإبداع ، وإنما إلى شعبٍ مُبدع ومُفكّر. الأمر الذي يتطلب منا كمربين وكحكومة وكأولياء أمور، أن نُهيئ البيئة التي تُساعد على الإبداع لكلّ من الأطفال والراشدين، على حدّ سواء.
17- الشخصية المبدعة
هل هناك مواصفات خاصة بالشخصية المبدعة؟ ذكرنا سابقاً أن الذكاء مرتبط بالإبداع . إذن فالمبدع شخص ذكي. كما ذكرنا أن الإبداع مرتبط بالقيم والأخلاق. إذن فالمبدع شخص يتحلى بالأخلاق الحميدة والقيم الإنسانية. كما ذكرنا أن الإبداع يحتاج إلى العمل الدؤوب والمتواصل. إذن ، فالمبدع شخص نشيط ومثابر، وهو كذلك ذو ثقة عالية بنفسه، يتحمل المسؤولية، ويبحث دائماً عمّا هو جديد. كما أنه يبتعد عن التقليد والمحاكاة، ويبتكر ما هو أصيل.
والمبدع شخص خلاّق بالمعنى الدقيق للكلمة. قد يستفيد من تجارب الآخرين، إلا أنه يُضيف إليها من ابتكاراته الخاصة. وهو عنيد ومغامر. يحلم ، ويعمل جهده على تحقيق أحلامه. وهو دائم التفكير ودائم العمل، ولا يثنيه عن الوصول إلى أهدافه أي عائق مهما كان. وفي دراسة حول مشاهير المبدعين، تبين أن 90% منهم تميّز بدرجة عالية من الذكاء وحب الاستطلاع، الذي لا يكفّ عن طرح التساؤلات. ( سايمتن ، 1989، ص77). ثم إنّ هناك الدافعيّة والرغبة في التفوق والشهرة والتوق للإنجاز والنجاح والفوز. أما جيلفورد، فهو يربط بين الشخصية المبدعة وبعض الخصائص، كالمرونة والطلاقة والأصالة والتفكير التباعدي، أي المنطلق. ( روشكا، 1989، ص54) بينما يرى غيره أهمية الدافعية والمزاج واستقلالية التفكير. كما يرى آخرون أن هناك علاقة كبيرة بين الإبداع والصحة النفسية للشخص المبدع.
وإذا تتبعنا بعض خصائص المبدعين، فإنهم يقضون ساعاتٍ وربما أياماً متواصلة في العمل. وبأنهم قارئون من الدرجة الأولى. أياً كان الأمر، فلا شك أن المبدع يحتاج إلى بيئة تحفزه على الإبداع، وأشخاص يُشجّعونه ويُقدّرون أعماله، ويساعدونه على المضي في أبحاثه وإنجازاته، وعلى نشرها وتعميمها والاستفادة منها. وهناك مؤشرات تُساعد أي شخص على الإبداع في مجالٍ من مجالات الحياة المختلفة. منها، الذكاء والثقافة والرغبة في العمل والنشاط المتواصل . وكذلك، الدافعية الداخلية والخارجية. كما تساعد البيئة في تكوين وترسيخ الإبداع، خاصة في البيت والمدرسة. وذلك بإتاحة الفرصة للأطفال للبحث والتجريب والدراسة بشكل مستقلّ أو بشكل جماعي.
ومن الجدير ذكره أن هناك الشخصية متعددة الإبداعات. وهي الشخصية التي لا تُبدع في مجال واحد فحسب، وإنما في عدّة مجالات في آن واحد. ونحن نطلق عليها الشخصية العبقرية. مثال ذلك، ليوناردو دافنشي، الذي كان رساماً ورياضياً وميكانيكياً ومهندساً ومكتشفاً في الفيزياء. ( روشكا، 1989، ص99). كما أن هناك كثيراً من العباقرة العرب والمسلمين الذين نبغوا في الطب والفلك والموسيقى والشعر وغيرها من الفنون، مثل : الرازي وابن سينا وابن جني وعمر الخيام وغيرهم. ويُمكن أن نستنتج بأن العبقريّ النوعيّ هو ذلك الذي يملك طاقة عالية، وقدرة مُركّبة وغنية في سرعة الانتقال من مجال إلى آخر . ومثل هذا المُركّب هو الذي يقود إلى الإنجاز الإبداعيّ في أكثر من مجال، دون الإقلال من قيمة وثراء المجال الأساسيّ للمبدع. ( روشكا، 1989، ص 102-103). وبشكل عام، فإن الشخصية المبدعة أو العبقرية تتسّم بالجرأة في قول الحقيقة ، والشجاعة ، والثقة بالنفس. ولا يهمها أن تجد معارضة لما تُقدّمه من إنجاز أيّاً كان نوعه. فهي تُدرك جيداً أن ما تُقدّمه هو جديد، ويحتاج إلى وقت حتى يدرك الآخرون قيمته وأهميته. كما أنّ الشخصيّة المبدعة تتسم بالشعور بالسعادة لما تقوم به من أعمال أياً كانت صعوبتها . وهي مهذبة في التعامل مع الآخرين، وتتصف بالصدق والعدالة ومراعاة القيم الإنسانية، وتتمتع بالروح المرحة، والتفاؤل، وبقدر كبير من الحضور الشخصي.
18- خلاصة كل فرد منا يولد مزوّداً بدماغ إلكترونيّ حيّ، ذي إمكانات لا حدود لها. وكل اختراع أو اكتشاف، ما هو إلا نتيجة لدراسة تأمليّة من أحد الأفراد أو مجموعة من الأفراد الذين لهم القدرة على الإبداع. أما السّر الحقيقيّ، فإنه يكمن في التربية. فالذين أبدعوا ، تعلموا مُسبقاً كيف يُفكرون. وهذا مكمن الإبداع . وإذا اجتمع الذكاء مع القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية، فعندئذٍ فقط، تتحقّق العدالة والحرية والسلام والسعادة لجميع البشر. ولأهمية الأخلاق في حياتنا جميعاً، خاطب الخالق سبحانه النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، قائلاً: " وإنك لعلى خلقٍ عظيم". صدق الله العظيم. ( آية 4 سورة القلم). وهذا ما يجدر بنا جميعاً أن نتّصف به. والإنسان المبدع، هو الإنسان الذي يجد سعادة كبيرة في تقديم إنجازاته للآخرين، كهدفٍ نبيلٍ يخدمهم به أو يُمتّعهم ويبعث السعادة إلى قلوبهم. والإبداع لا يقتصر على مجالٍ محدّد، وإنما يشمل جميع مجالات الحياة. وهذه المجالات كثيرة ومُتعدّدة، منها الإبداع العلمي والتقني والفني والأدبي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي إلى غير ذلك. وإن أي حلّ جديد لمشكلة مُستعصية، يكمن خلفها إبداعٌ ومثابرةٌ وصبرٌ وعملٌ شاقّ ومُتواصل، من أجل الوصول إليه وتحقيقه. وما أحوجنا في هذا العصر، إلى أشخاص مُبدعين، لحلّ الصراعات الدامية التي تسود الكرة الأرضية، من أقصاها إلى أقصاها. وما أحوجنا إلى عقول مُبدعة، لتوقف هذا النزيف المتواصل منذ عشرات السنين على هذه الأرض المقدّسة. وما أحوج شعبنا الفلسطيني إلى مُبدعين ذوي أخلاق وقيم إنسانية، ليُطبقوا العدالة، وليساعدوه في الحصول على حقوقه الإنسانية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ليُمارس حياته بسعادة، وليُساهم بإبداعاته الخلاقة واللامحدودة ، في دفع مركبة التقدم والازدهار الإنسانيّ إلى الأمام.
19- الاقتراحات والتوصيات:
لكي نساعد أطفالنا وشبابنا على الارتقاء بقدراتهم وإمكاناتهم الإبداعية إلى أعلى درجة، ولكي نساهم في تربية جيل متميّز يستطيع أن يخطو نحو المستقبل بخطوات واثقة، فإنني أتوجه إلى أولياء الأمور وإلى المربين وإلى مؤسساتنا التربوية والوطنية، بالاقتراحات والتوصيات الآتية: 1- استخدام الطرق المبدعة في عملية التعليم/التعلم لجميع المراحل، ابتداء من رياض الأطفال حتى طلبة الدراسات العليا. بحيث يتم التركيز على تعلم المهارات من أجل المستقبل. 2- إتاحة الفرصة لجميع فئات الطلبة لمعرفة: كيف يُفكرون وكيف يتعلمون وكيف يستمتعون بكل ما يتعلمونه، وكيف يُطبقون أساليب تحسين الإبداع وأساليب العصف الذهني واستثارة التفكير الناقد والتفكير الإبداعي. ومن ثمّ مكافأة السلوك الإبداعي للطلبة، وإعلان ذلك في وسائل الإعلام. 3- حث الطلبة على ممارسة مهارات القيادة ،واستراتيجيات التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي. وذلك عن طريق تفعيل مهارات التفكير من خلال أساليب التدريس ودمج التفكير في جميع البرامج المدرسية. 4- تشجيع الطلبة على استخدام مهارات القراءة ، والأساليب الفعّالة في التعلم الذاتي المستقل، و استخدام جميع أنماط التكنولوجيا المتوفرة التي تُساعدهم على التعلم مدى الحياة. 5- استمرار تطوير المناهج من أجل تعليم التفكير، وإمكانية الجمع بين استراتيجيات التفكير، والتفاعل مع العديد من المواقف الحياتية. وذلك من خلال إعادة هيكلة المناهج التعليمية في صورة جديدة، تُساعد على تدريب الطلبة على استخدام تطبيقات مهارات التفكير والاستكشاف والمناقشة والتحليل والدفاع عن الآراء والمعتقدات الشخصيّة والعمليات العقلية المعرفية. 6- ضرورة الاهتمام بعمليتي القراءة الإبداعية والكتابة الإبداعية، لأنهما من أعقد الأنشطة العقلية. إذ تتطلب كلٌّ منهما: التمييز السمعي والبصري، حلّ المشكلات ، والتقويم ، وإصدار الأحكام، والتخيّل والإستنتاج، وتوظيف اللغة في مواقف جديدة، للتعبير عن أفكار جديدة، خالية من الأخطاء الإملائية، وغير ذلك مما يتعلق بالنحو والصرف وقواعد اللغة. 7- خلق بيئة تُشجّع على التفكير الناقد، وتخصيص وقت للمناقشة. وإعداد الطلبة ليُصبحوا أصحاب قدرة كبيرة على التفكير الناقد، والقراءة الناقدة. وذلك بتضمين المناهج المدرسية تعيينات خاصّة بذلك، بحيث تشمل الحكم الجيد، واتخاذ القرار الصحيح، والقدرة على تكوين المفاهيم وعمليات التصنيف وتعزيز دور الإبداع. حيث أن تعليم التفكير الناقد يُشجّع الطلبة على التساؤل والبحث والاستفهام والمناقشة والتحليل واكتشاف نقاط القوة والضعف في التفكير، وتقويم المشكلات والعقبات والتعامل معها بعقلية مُتفتحة وناضجة. 8- إعداد برامج تثقيفيّة، وبثّها في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، يتّم التركيز فيها على ممارسة التفكير الإبداعي، وعلى تعزيز المثل العليا والقيم الإنسانية والأخلاقية، التي يكتسبُ منها الصغار والكبار مهارات التفكير الإبداعي والسلوك الجيّد.
20- المراجع بالعربية والإنجليزية 1- القرآن الكريم، القدس: مطبعة دار الأيتام الإسلامية الصناعية، 1964. 2- د. ابراهيم ، عبد الستار. آفاق جديدة في دراسة الإبداع. الكويت: وكالة المطبوعات، 1978. 3- د. بهاء الدين، حسين كامل. مفترق الطرق. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003. 4- جروان ، فتحي عبد الرحمن . تعليم التفكير: مفاهيم وتطبيقات . العين، دولة الإمارات العربية المتحدة: دار الكتاب الجامعي، (1999)م. 5- حبش، زينب. تعلم كيف تتعلم بنفسك. القدس: اتحاد الكتاب الفلسطينيين، 1998م. 6- حبش، زينب. آفاق تربوية في التعليم والتعلم الإبداعي. رام الله: مؤسسة العنقاء للتجديد والإبداع،2002م. 7- د. حبيب، مجدي عبد الكريم. اتجاهات حديثة في تعليم التفكير. القاهرة: دار الفكر العربي، 2003م. 8- د. حميدة، فاطمة إبراهيم. التفكير الأخلاقي. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1990. 9- خليل، د. محمد الحاج. تعلم كيف تتعلم سريعاً بالقراءة الفعالة. عمان: دائرة التربية والتعليم لوكالة الغوث الدولية ومعهد التربية/ اليونسكو، 1988 9- روشكا، الكسندرو. الإبداع العام والخاص . ترجمة : د. غسان عبد الحي أبو فخر. الكويت: عالم المعرفة، 1989م. 11- سايمتن، دين كيث . ترجمة : د. شاكر عبد الحميد. العبقرية والإبداع والقيادة. الكويت: عالم المعرفة، 1993م. 12- د.سعادة،جودت أحمد، وقطامي، يوسف. (أ). " قدرة التفكير الإبداعي لدى طلبة جامعة السلطان قابوس: دراسة ميدانية". سلسلة الدراسات النفسية والتربوية الصادرة عن جامعة السلطان قابوس ، المجلد الأول، العدد الأول ص.ص. 12-53، (1996)م. 13- د. سعادة، جودت أحمد. تدريس مهارات التفكير. رام الله : دار الشروق للنشر والتوزيع، 2003م. 14- د. عبادة، أحمد. قدرات التفكير الابتكاري. القاهرة: مركز الكتاب للنشر، 2005م. 15- قطامي ، نايفة. تعليم التفكير للمرحلة الأساسية. عمان : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، (2005)م. 16- ماتشادو، لويس البرتو . ترجمة : د. عادل عبد الكريم ياسين. الذكاء حق طبيعي لكل فرد. قبرص: دار الشباب للنشر والترجمة والتوزيع، 1989م. 17- هارت، مايكل. ترجمة : أنيس منصور . الخالدون مائة أعظمهم محمد رسول الله. الاسكندرية: المكتب المصري الحديث، ط6 1985م. 18- وات، سكوت. كيف تضاعف ذكاءك. ترجمة: مكتبة جرير. الرياض: مكتبة جرير، 2005م. 19- ويليامز، ليندا فارلي. التعليم من أجل العقل ذي الجانبين. ترجمة خبراء معهد التربية للأونروا/ اليونسكو. بيروت: مطابع الأونروا، 1987م. 20- Hubbard, L.Ron. Dianetics- Developed Science: L. Ron Hubbard. Bridge Publication, Inc. , India 2002 21- Hubbard,
| |
|
دموع الورد مشرفة
| موضوع: رد: الجزىء الثالث و الاخير من محاضرة الفكير الابداعي الثلاثاء نوفمبر 29, 2011 11:18 am | |
| | |
|